شفاء العليل شرح منار السبيل
مشروعية المسح على الخفين
قوله: [باب المسح على الخفين] : قال ابن المبارك: ليس في المسح على الخفين اختلاف، وقال أحمد اسم> ليس في قلبي من المسح على الخفين شيء، فيه أربعون حديثا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: هو أفضل من الغسل لأنه -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إنما طلبوا الأفضل، وعن جرير اسم> قال: رسم> رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بال ثم توضأ ومسح على خفيه متن_ح> رسم> .
قال إبراهيم اسم> كان يعجبهم هذا الحديث لأن إسلام جرير اسم> بعد نزول المائدة. متفق عليه حديث> .
الشرح: هذه مقدمة قبل الشروع في الأحكام جاء بها الشارح ليقرر شرعية المسح على الخفين رأس> وذلك لأنه قد روي في بعض الآثار- كما في مصنف ابن أبي شيبة اسم> وغيره- عن بعض السلف أنهم أنكروا المسح على الخفين ولعل ذلك بسبب أن أدلة هذا الحكم قد خفيت عليهم فلم يعملوا به، فهم معذورون في وذلك، لكن القول الصحيح أن المسح على الخفين ثابت بالأدلة الصحيحة، وكما يقول ابن المبارك اسم> ليس في المسح على الخفين اختلاف، وقال أيضا في بعض الروايات: إن الرجل ليسألني عن المسح فأتهمه بأنه صاحب رأي، أو صاحب بدعة
وذلك لأن الذين اشتهر عنهم إنكار المسح هم من المبتدعة، كالرافضة الذين ينكرون المسح مطلقا، ولا يعترفون به، مع أنهم يذهبون إلى مسح القدمين عند الوضوء- كما سيأتي!- فيجوزون مسح القدم عند الوضوء، ولا يجوزون مسح الخفين، ويبالغون في إنكارهم على من يمسح خفيه.
ومن الذين أنكروا المسح على الخفين- أيضا- الخوارج؟ لأنهم لا يعملون بالسنة وإنما يقتصرون على العمل بما في القرآن.
وكذلك كثير من المعتزلة وغيرهم من المبتدعة ينكرون المسح على الخفين.
ولما كان الآمر كذلك أدخل العلماء مسألة المسح على الخفين لا كتب العقائد، كما صنع الطحاوي- رحمه الله- في عقيدته المشهورة وهكذا غيره، وذلك لأن الخلاف فيها وإن كان من الفروع، فهو مع طائفة قد خالفوا في العقائد، فلأجل ذلك ذكرت هذه المسألة في كتب العقائد.
أما ما قاله الإمام أحمد من أن في المسح على الخفين أربعين حديثا، فالظاهر أنه يريد الأحاديث المشهورة والصحيحة فقط، وإلا فقد زادت أحاديث المسح على الخمسين حديثة، حتى ذكر بعضهم أنها تبلغ السبعين أو المائة، وقد تتبعها الزيلعي في (نصب الراية) وأوصلها إلى ستة وخمسين حديثا وذكر أماكنها وطرقها، وتكلم عليها، وقدم منها الأحاديث الصحيحة، وهذا يدل على أن أحاديث المسح على الخفين من قبيل الأحاديث المتواترة.
ثم ذكر المصنف- رحمه الله- حديث جرير اسم> - رضي الله عنه- وهو من أصح الأحاديث وأصرحها، وذلك لأن بعضا من الصحابة الذين خفي عليهم المسح على الخفين لما نقل إليهم هذا الحديث قالوا: إنه منسوخ بآية المائدة، أي: أن المسح على الخفين منسوخ بآية المائدة، وهي قوله تعالى: رسم> وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ قرآن> رسم> .
والصواب أن المسح على الخفين مستمر بعد نزول سورة المائدة؛ لأن جريرا اسم> - رضي الله عنه- رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يمسح على الخفين، وهو- أي جرير- ما أسلم إلا سنة عشر أي بعد نزول سورة المائدة، فدل هذا على أن المسح على الخفين غير منسوخ بآية المائدة كما فهم ذلك البعض.
ومما يشهد لهذا قول جرير اسم> - رضي الله عنه- كما في رواية أحمد اسم> رسم> ما أسلمت إلا بعد أن أنزلت المائدة، وأنا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح بعدما أسلمت متن_ح> رسم>
مسألة>